أهمية الامن الفكري
لقد تعددت مفاهيم الأمن
الفكري ، ولكنها في النهاية تصب في معين واحد : فهو عند المسلمين أن يعيشَ أهل الإسلام
في مجتمَعِهم آمنين مطمئنِّين على مكوِّنات شخصيّتِهم وتميُّز ثقافتِهم ومنظومَتِهم
الفكريّة المنبثقةِ من الكتاب والسنة .
ويعني الحفاظ على المكونات الثقافية الأصيلة
في مواجهة التيارات الثقافية الوافدة ، أو الأجنبية المشبوهة ، فهو يصب في صالح الدعوة
لتقوية هذا البعد من أبعاد الأمن الوطني . وهو بهذا يعني حماية وصيانة الهوية الثقافية
من الاختراق او الاحتواء من الخارج ، ويعني أيضا الحفاظ على العقل من الاحتواء الخارجي
وصيانة المؤسسات الثقافية في الداخل من الانحراف .
وهو اطمئنان الناس على مكونات أصالتهم وثقافتهم
النوعية ومنظومتهم الفكرية ، ويعني السكينة والاستقرار والاطمئنان القلبي
واختفاء مشاعر الخوف على مستوى الفرد والجماعة في جميع المجالات
النفسية والاجتماعية والاقتصادية . ويعني صيانة عقول أفراد المجتمع ضد أية انحرافات فكرية أو عقدية مخالفة لما تنص عليه تعاليم الإسلام الحنيف أو أنظمة المجتمع وتقاليده.
يعتبر الفكر البشرى ركيزة هامة وأساسية في حياة
الشعوب على مر العصور ومقياساً لتقدم الأمم وحضارتها ، وتحتل قضية الأمن الفكري مكانه
مهمة وعظيمة في أولويات المجتمع الذي تتكاتف وتتآزر جهود أجهزته الحكومية والمجتمعية
لتحقيق مفهوم الأمن الفكري تجنباً لتشتت الشعور الوطني أو تغلغل التيارات الفكرية المنحرفة
، وبذلك تكون الحاجة إلى تحقيق الأمن الفكري هي حاجة ماسة لتحقيق الأمن والاستقرار
الاجتماعي .
يقول د . عبد الرحمن السديس في إحدى خطبه " ومع أنَّ الأمنَ بمفهومِه الشامل مطلَبٌ
رئيس لكلِّ أمّة إذ هو ركيزَة استقرارِها وأساسُ أمانها واطمئنانها إلاَّ أنَّ هناك
نوعًا يُعدَ أهمَّ أنواعِه وأخطرَها ، فهو بمثابةِ الرأس من الجسَد لِما له من الصِّلة
الوثيقةِ بهويّة الأمّة وشخصيّتِها الحضارية ، حيث لا غِنى لها عنه، ولا قيمةَ للحياة
بدونه، فهو لُبّ الأمنِ ورَكيزتُه الكبرى ، ذلكم هو الأمنُ الفكريّ. فإذا اطمأنَّ الناس
على ما عندهم من أصولٍ وثوابِت وأمِنوا على ما لدَيهم من قِيَم ومثُلٍ ومبادئ فقد تحقَّق
لهم الأمنُ في أَسمى صوَرِه وأجلَى معانيه وأَنبلِ مَراميه " .
فالأمن الفكري يأتي في الدرجة الأولى من حيث الأهمية
والخطورة ، وتصرفات الناس تنطلق من قناعاتهم التي تستند إلى أرصدتهم الفكرية و الاعتقادية
، وبهذا يكون منطلق كل عمل يمارسه الإنسان ويظهر في سلوكه من خير أو شر مركوزاً في
كيانه الفكري والاعتقادي ومستكناً في داخل النفس وأعماقها .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق