المدرسةالبرجماتية (pragmatics)
البرجماتية أو البراجماتية فقد ارتبط باسم (جون ديوي) أشهر التربويين المعاصرين، وهذا المذهب ذو صبغة عملية تجريبية لا يبدو فيها أي أثر للقيم أو الأخلاق. هدف التربية في نظر (ديوي) هو النمو، والهدف ـ بزعمه ـ جزء لا يتجزأ من عملية النمو، وليس أمراً خارجياً تتجه إليه خبرة المتعلم، فلا هدف لعملية النمو إلا المزيد من النمو؛ ولذا أنكر (ديوي) أي هدف نهائي وقال : " الفكرة القائلة بأن النمو والتقدم يرميان إلى هدف نهائي لا يتغيّر ولا يتبدل هي آخر أمراض العقل البشري في انتقاله من نظرة جامدة إلى الحياة إلى نظرة مُفْعمة بالحركة" ومعنى هذا أن النمو والتربية والحياة هي مسميات لاسم واحد في نظر ديوي! ولا ريب أن "التسليم بوجود أهداف ثابتة يزود القائمين على التربية بمعايير ثابتة وصادقة يستعينون بها للحكم على مدى تقدم التلاميذ في عملية التعلم، أما القول بأن الأهداف جزء من عملية النمو ذاتها فإنه يزيد من حيرة المربين؛ فاللص الذي يكتسب المزيد من المهارات في السلب والنهب ينمو في هذا المجال؛ فهل تعتبر اللصوصية عملية تربوية هادفة؟! وإذا سلمنا جدلاً بصحة ما ذهب إليه فإن السؤال الذي يظلّ قائماً هو: ما هي المعايير التي بها للحكم على نمو إنسان نموا شاملا؟ ومتى يكون النمو مرغوبا فيه، ومتى لا يكون كذلك؟ وطريقة التدريس في هذا المذهب هي طريقة المشروع التي تُنسب إلى الأمريكي (كلباترك) تلميذ (جون ديوي). والمشروع يأخذ شكلاً فردياً أو جمعياً، وفي المشروع الجمعي يتعاون الأطفال لحل مشكلةٍ ما بتقسيم العمل بينهم. ولـ (هيلين باركهرست) طريقة أخرى تسمّى طريقة (دالتن)، وتقوم هذه الطريقة على ثلاثة أسس هي: الحرية، والتعاون، وتحمل المسؤولية؛ وبمقتضى هذه الطريقة يتمتع التلميذ بكامل حريته بعد أن يتفق على إنجاز قدر معين من المقرر في مدة معينة، يستعين أثناءها بالمدرس متى شاء.
خصائص المدرسة البرجماتية:
ü
ترتبط
البرجماتية بالتراث الفلسفي اليوناني القديم والأوروبي الحديث, إذ عرفت بنحو غير
متماسك ومحدد على أيدي السوفسطائيين, وعلى كل من أفلاطون وأرسطو, وأبيقور,
وواجستين, وبيكون وجاليلو وبسكال وكانت وكومت ومل فقد كانت البراجماتية تعبر عن
أسلوب الحياة أياً كان هذا الأسلوب.
ü
والبرجماتية
تؤمن بحقيقة التغير على الديمومة ونسبية قيم الطبيعة الإنسانية والبيولوجية
للإنسان وبأهمية الديمقراطية كطريقة في الحياة , وأخيراً قيمة الإنسان الناقد في
السلوك الإنساني كله.
ü
دعت
البرجماتية إلى أن تعود الفلسفة إلى وظيفتها الحقيقية التي كانت عليها في الماضي,
وهي أن الفلسفة أسلوب حياة أو خطة عمل أو مشروع نشاط. ونادت البرجماتية بالخبرة
ويمكن التخطيط للواقع والتغلب على مشكلاته لا بد من الخبرة وبهذا الصدد يقول ديوي
(إذا جاز لنا أن نصوغ فلسفة التربية التي يقوم عليها ممارسات التربية الحديثة، فمن
الممكن فيما أعتقد أن تكشف عن طائفة من الأسس المشتركة بين المدارس القائمة
المختلفة).
ü
ترفض
البرجماتية أن تكون التربية عملية بث للمعرفة للطالب من أجل المعرفة إنما ترى أنها
تساعد الطفل على مواجهة احتياجات البيئة البيولوجية الاجتماعية.
ويرى البرجماتيون أن التربية هي الحياة وليست إعداد للحياة، وأن
واجب المدرسة كمؤسسة تربوية أن تستخدم مواقف الحياة في العملية التربوية، ويعرف
جون ديوي التربية بأنها عملية مستمرة من إعداد بناء الخبرة بقصد توزيع محتواها
الاجتماعي وتعميقه، وأن الفرد في الوقت نفسه يكتسب ضبطاً وتحكماً في الطرائق
المتضمنة في العملية.
وتعد الفلسفة البرجماتية من أبرز الفلسفات التي ركزت على المتعلم
والتي انعكست بصورة واضحة على تنظيم المنهج باعتبار أن الفلسفة تدخل في كل قرار
مهم بالنسبة للمنهج والتدريس. والطالب في منظور البرجماتية ما هو إلا حزمة من نشاط
الاتجاهات النظرية والمكتسبة للفعل، وأن نشاطه أساس كل تدريس وكل ما يفعله التدريس
له أنه يوجه الطالب الذاتي وأن تعليم الطالب ليس ما ينبغي أن يتعلمه وإنما تشجيعه
باتجاه معرفة نتيجة نشاطه الذهني والتجريبي.
والمهم في رأي البرجماتية في العملية التربوية التأكيد على أمرين
الأول: العناية باهتمام الطالب والثاني: العناية بحب الاستطلاع لديه وذلك لأنهما
يحفزانه على التعلم بصفة أساسية.
أما فيما يخص المعلم عند أصحاب هذه النظرية فإن وظيفته تكون في
قدرته على تنظيم الخبرة وبيان الاتجاه الذي تسير فيه فضلاً عن قدرته على شحذ أذهان
التلاميذ وهو بذلك يكون عوناً للحرية لا قيد لها.
والبرجماتية لم تجعل من المعلم محوراً للعملية التربوية ووظيفة
المعلم من وجهة نظر البرجماتية ليس مجرد تدريس الأفراد , بل تكوين الحياة
الاجتماعية الصحيحة.
وقد انعكست النظرية البرجماتية على المنهج وذلك باختيار الخبرات
لكل فرد أو جماعة من الخبرات المناسبة التي تساعدهم أن يبنوا منهجاً عقلياً
متكاملاً.
وأحد الأهداف الرئيسية في المنهج البراجماتي هو إقرار الدراسات ذات
الطبيعة الحديثة والمعاصرة والمفيدة في إعداد الشباب لظروف المجتمع المتغيرة دوماً
وخاصة ما يتعلق منها بالعمل والتعامل ودراسة المواقف بما تتضمنه من موضوعات وليس
القراءة منها فحسب.
لا يفرق المنهج البرجماتي بين الفعاليات المنهجية وغير المنهجية، فكل
ما يمر بخبرة التلميذ هو جزء من المنهج سواء أكان نشاطاً ترويحياً أم اجتماعياً أم
عقلياً. .
بقلم / صابر جيدوري (2010م)
الخبرة الجمالية وابعادها التربوية في فلسفة جون ديوي . كلية التربية، جامعة دمشق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق